قدر المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات حصيلة الأجسام التي سقطت على الأردن خلال 12 يوما من الحرب المتبادلة بين إيران و"إسرائيل" بنحو 250 جسما
الأردن يثبت معادلة السيادة: لا اختراق للأجواء دون رد وسلامة الأردنيين أولوية

الدفاع الجوي الأردني جاهز جاهزية كاملة مع اشتداد الصراع بين "إسرائيل" وإيران
مع اشتداد المواجهة العسكرية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران، يجد الأردن نفسه في موقع دقيق وسط نيران متبادلة تجري فوق أجواء المنطقة، لكنه يثبت مرة تلو أخرى صرامة سياسته الدفاعية، عبر منظومة الدفاع الجوي الأردني التي تعمل بدقة عالية وتحت عقيدة عسكرية صارمة توازن بين تجنيب المملكة الانجرار إلى الصراعات من جهة، وضمان حماية سيادتها وسلامة شعبها من جهة أخرى.
تحت طائلة الخطر: لماذا يعترض الأردن الصواريخ والمسيرات؟
منذ لحظة إعلان حالة الإنذار القصوى على خلفية التصعيد الإيراني الإسرائيلي، انتقلت القوات المسلحة الأردنية إلى حالة استعداد غير مسبوقة شملت مختلف التشكيلات العسكرية، وعلى رأسها وحدات الدفاع الجوي وسلاح الجو الملكي.
وفق ما أكده مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، في تصريحات صحفية الأحد، فإن دخول الصواريخ والطائرات المسيرة إلى الأجواء الأردنية يشكل خطرا مباشرا على أمن المواطنين وسلامتهم، ما يجعل عدم اعتراضها أمرا مرفوضا، وأوضح أن بعض هذه الصواريخ والمسيرات قد تفشل تقنيا في الوصول إلى أهدافها بسبب نفاد الوقود أو ضعف الدفع، ما يؤدي لسقوطها داخل الأراضي الأردنية.
كما أن الصواريخ الجوالة التي تعتمد على التوجيه الإلكتروني قد تصبح عرضة للتيه بفعل التشويش وقد تصطدم بأي مرتفع داخل المملكة. لهذا، فإن التصدي المبكر لها ليس خيارا بل واجب دفاعي لحماية المدنيين من تداعياتها الخطيرة، لذلك يمضي سلاح الجو ووحدات الدفاع الجوي في مراقبة الأجواء على مدار الساعة مستخدما رادارات متقدمة قادرة على رصد المسيرات والصواريخ العابرة وتتبعها.
اقرأ المزيد.. 3 إصابات في إربد بعد اعتراض مسيّرات اخترقت أجواء الأردن
حماية المدنيين.. الأولوية التي تعلو على حياة الطيار
يتفق مع هذه السياسة، العقيد المتقاعد محمد المقابلة، الذي أكد لـ حسنى أن سلامة المدنيين تمثل أولوية مطلقة حتى في أصعب الظروف في عقيدة القوات المسلحة، مشيرا إلى أنه في حالات التدريب الاعتيادية لا يتردد الطيار الأردني في المخاطرة بحياته لإبعاد طائرته المعطلة عن المناطق المأهولة، حتى أنه يقدم حياة الطيار المساند على حياته في كثير من الحالات الطارئة.
هذه العقيدة المتجذرة انعكست مرارا في مواقف عملية امتنع فيها الطيارون عن القفز من طائراتهم رغم تعطلها، تفاديا لسقوطها على تجمعات سكنية، ما يعكس عمق ثقافة الانضباط والولاء الوطني في صفوف القوات المسلحة الأردنية مرسخا القيم القتالية للمؤسسة العسكرية.
دقة علمية في لحظة الاشتباك: لا مكان للعشوائية
بعيدا عن الانطباعات النمطية حول عمليات التصدي الجوي، تقوم منظومة الدفاع الجوي الأردني على معادلات علمية معقدة تحدد لحظة الاشتباك وموقع سقوط الأهداف خلال ثوان معدودة من رصدها.
فمن خلال حساب المسار والسرعة والزوايا والارتفاع والمسافة المتبقية، تحدد أنظمة الدفاع المكان المحتمل لسقوط أي هدف جوي بدقة بالغة، وفق ما أوضحه العقيد المقابلة لـ حسنى مؤكدا أن أي عملية إسقاط تتم بعد هذه الحسابات الدقيقة وليس وفق تقديرات بشرية آنية.
تكتيكات الدفاع الجوي الأردني
في مواجهة موجات الطائرات المسيرة التي تملأ أجواء الإقليم مؤخرا، يعتمد الدفاع الجوي الأردني تكتيكات اقتصادية مرنة توازن بين فعالية الرد والكلفة التشغيلية. ففي حين لا تتجاوز كلفة بعض المسيرات المعادية مئات الدولارات، تستخدم وحدات الدفاع أسلحة منخفضة الكلفة كالرشاشات الثقيلة والطائرات المروحية المسلحة بدلا من اللجوء المباشر إلى صواريخ باهظة الثمن المخصصة لتهديدات استراتيجية أعلى.
إسقاط مدروس لتفجير الشحنات في الجو
ولا يقتصر نجاح عمليات الإسقاط الأردنية على تعطيل الأهداف فحسب، بل يشمل أيضا تفجير الشحنات المتفجرة لهذه المسيرات في الجو لتجنب سقوطها مكتملة فوق المناطق المأهولة، مما يقلص احتمالات سقوط ضحايا مدنيين جراء الانفجار الأرضي في حال فشل التفجير الجوي.
محاولات الاختراق.. و"إسرائيل" تتفادى التصعيد مع عمان
في خلفية هذا المشهد المعقد، تبرز دلالات إقليمية لا تخفى. فبينما تمتلك "إسرائيل" قدرات تقنية متقدمة قد تمكنها نظريا من اختراق الأجواء الأردنية بطائرات شبحية وأنظمة تشويش، نجحت عمان في إيصال رسائل سياسية وعسكرية حازمة حالت دون تنفيذ أي اختراق جوي إسرائيلي خلال الضربة الأخيرة ضد إيران.
ويرى العقيد المقابلة أن قدرة "إسرائيل" على التسلل تقنيا لا تعني قدرتها على تحمل كلفة التصعيد مع الأردن سياسيا وعسكريا، ما دفعها لتفادي الأجواء الأردنية بالكامل في تلك العملية.
الأردن يرفض جره إلى الصراع
رغم أن الأردن اختار النأي بنفسه عن التصعيد العسكري بين "إسرائيل" وإيران، فإن أي محاولة لخرق مجاله الجوي تعد خطا أحمر يستوجب الرد الفوري، وهو ما أكده العميد الحياري صراحة، مشيرا إلى أن التغاضي عن أي اختراق سيجعل المملكة طرفا في نزاع تسعى جاهدة لتجنبه.
الشائعات على منصات التواصل
وتأتي هذه التصريحات، بعيد انتقادات شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، شككت بدور الجيش الأردني في الأحداث الجارية، معتبرة بأن "الأردن لعب دورا مدافعا عن العدو الإسرائيلي".
وجدد المقابلة والحياري تأكيدهما أن المؤسسة العسكرية الأردنية تتحرك ضمن مهنية دقيقة تحمي المصالح الوطنية بعيدا عن الانجرار لنظريات المؤامرة الرائجة.
طمأنة للرأي العام.. والثقة بقدرة الجيش
وفي رسالتين منفصلتين من كل من الحياري والمقابلة، جرى التأكيد على جاهزية المؤسسة العسكرية الكاملة، والحرص على الصدق في نقل المعلومات للرأي العام، مع دعوة الأردنيين إلى استقاء الأخبار من مصادرها الرسمية وعدم الانجرار خلف موجات الشائعات المضللة.
اقرأ المزيد.. ما هي بدائل الأردن لتفادي انقطاع الكهرباء؟