قال رئيس جمعية الجنوب للحفاظ على البيئة والمجتمع موسى أبو صالح إن الأردن يواجه استنزاف لموارده الطبيعية من النفايات، التي يقدر حجمها سنويا
مشروع فرز النفايات من المصدر في سوق السلطان.. نظام جديد يعتمد الحاويات ثنائية اللون
أطلقت أمانة عمان مشروع فرز النفايات من المصدر في منطقة سوق السلطان – تلاع العلي بالعاصمة عمان، ضمن جهودها الرامية إلى تطوير منظومة إدارة النفايات الصلبة وتعزيز مفاهيم الاقتصاد الدائري في المدينة.
ما أهداف مشروع فرز النفايات؟
ويهدف المشروع إلى رفع كفاءة عمليات جمع النفايات وفرزها، وتقليل الأثر البيئي، وتوسيع ثقافة إعادة التدوير بين المواطنين والتجار على حد سواء.
ويأتي ذلك بالتزامن مع إصدار وزارة البيئة في العاشر من كانون أول الجاري، مسودة تعليمات المتطلبات البيئية والفنية لفرز المواد القابلة لإعادة التدوير من النفايات الصلبة غير الخطرة بهدف:
-
تنظيم عملية الفرز من المصدر.
-
تشجيع إعادة التدوير والاستخدام والاسترجاع للمواد القابلة لإعادة التدوير.
-
المساهمة في تقليل النفايات وتحسين إدارة الموارد وتقليل الضغط على مكاب النفايات المنزلية.
وتحدد التعليمات آلية الفرز، والمتطلبات الفنية للحاويات، والمسؤوليات المترتبة على منتجي النفايات ومزودي خدمات إعادة التدوير، إضافة إلى الإطار الزمني لتطبيقها والحوافز الممنوحة للملتزمين بها.
وتمثل هذه الخطوة جزءا من الجهود الوطنية لتعزيز الاستدامة البيئية والانتقال نحو اقتصاد دائري صديق للبيئة.
نوع الحاويات ومواصفاتها
أوضح باسم الحوامدة، مدير دائرة الدراسات والتوعية البيئية لـ حسنى أن المشروع اعتمد على حاويات بلاستيكية حديثة بسعة 1100 لتر، تم تصميمها بالتعاون مع شركات محلية ودولية لدعم منظومة فرز النفايات من المصدر.
تم اختيار حاويات ثنائية اللون، مع التركيز على اللون الأخضر للنفايات القابلة لإعادة التدوير واللون الرمادي للنفايات غير القابلة للتدوير، بهدف تسهيل عملية الفرز على المواطنين والتجار في السوق.
-
اللون الأخضر: مخصص للمواد القابلة لإعادة التدوير (المواد الجافة النظيفة) والتي يتم فرزها من المصدر، مثل الكرتون النظيف والبلاستيك والمعادن.
-
اللون الرمادي: هو اللون الاعتيادي المعتاد في مدينة عمان، ويستخدم للمواد غير المستهدفة في المشروع أو غير القابلة لإعادة التدوير، مثل مخلفات الطعام والورق الصحي.
وأشار الحوامدة إلى أن اختيار التصميم ثنائي اللون جاء لتسهيل العملية في المرحلة الأولية التجريبية للمشروع، حيث تستخدم دول أخرى أربع أو خمس حاويات، ولكن كان الأفضل للأردن في البداية التركيز على لونين فقط، كما تم تصميم أقفاص معدنية خاصة للحاويات لتحسين الهوية البصرية لمشاريع الفرز ولحمايتها من العبث من قبل المارة أو الحيوانات
التحول من الجمع المختلط إلى الفرز من المصدر
في النظام الحالي، يتم جمع النفايات المختلطة من جميع الشوارع والأحياء دون فصل مسبق، بينما يعتمد المشروع الجديد على نموذج فرز مخصص من المصدر باستخدام الحاويات الملونة، مع جمع منفصل للنفايات القابلة للتدوير بواسطة كوادر وآليات متخصصة.
ويتم جمع المواد المفروزة "الحاويات الخضراء" ضمن برنامج وجدول زمني محدد ومن قبل آلية متخصصة ومنفصلة، على عكس النظام الاعتيادي لجمع النفايات المختلطة.
يهدف هذا التحول إلى رفع كفاءة الجمع وتقليل الكلف التشغيلية، يعد مشروع سوق السلطان هو التجربة الرابعة التي يتم إطلاقها بعد مشاريع تجريبية سابقة في أحياء محددة بمناطق زهران وبسمان والمدينة.
آليات الجمع والمعالجة والتدريب
تبدأ العملية ببرامج توعية مستمرة للمستهدفين لشرح كيفية الفرز وأوقات إخراج النفايات، بعد وضع المواد الجافة القابلة للتدوير في الحاويات الخضراء، يتم جمعها بالمركبات المخصصة كنظام منفصل.
وترسل النفايات المفروزة إلى ساحات معالجة تابعة لأمانة عمان، حيث تقوم كوادر مؤهلة ومدربة بفصل المواد بناء على نوعها:
-
الكرتون.
-
المعدن.
-
البلاستيك يفرز حسب اللون والنوع أيضا.
بعد ذلك، يتم شراء هذه المواد من خلال شراكة مع أحد مزودي الخدمات واستخدامها لاحقا في سلسلة إعادة التدوير في السوق المحلي، وتؤكد الأمانة على أن رفع قدرات الكوادر العاملة لديها أمر محوري لنجاح المشروع، تماشيا مع رؤية التحديث الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة.
الرقابة الذكية والخطط المستقبلية للتوسع
تستخدم أمانة عمان حاليا نظام تتبع ذكي لجميع آلياتها لمراقبة واقع الحاويات وتحسين مسارات الجمع ورفع الكفاءة التشغيلية. وفي المرحلة الأولية، تعتمد الأمانة على أنظمة ذكية، لكن من المخطط له خلال السنتين القادمتين تركيب حساسات "Sensors" على الحاويات، ستوفر هذه الحساسات بيانات حول نسبة امتلاء الحاويات، وإذا تمت إزاحتها أو العبث بها، وترسل إشارات إلى مركز تحكم، مما يضبط العملية ويحسنها.
فيما يخص التوسع، فإن التركيز حاليا هو على بناء نماذج عمل مستدامة. تلتزم الأمانة بوضع خطة شاملة وواضحة بحلول شهر تشرين أول من العام الحالي، تحدد المراحل المستقبلية للتوسع التدريجي لمشاريع الفرز، وذلك بالاعتماد على نتائج ستة مشاريع تجريبية مخطط لها، بما في ذلك مشروع سوق السلطان.
حيث أوضح الحوامدة أن المشروع بدأ بمناطق تجريبية، تشمل:
-
الرضوان.
-
شارع قريش.
-
حي الجرن.
-
سوق السلطان.
مع خطط لتوسيع المشروع إلى مناطق أخرى خلال الأشهر المقبلة، بناء على نتائج المشاريع التجريبية والدروس المستفادة.
أشار إلى أن التوعية المستمرة والشراكة مع المجتمع المحلي تعد مفتاح نجاح المشروع، مع إمكانية استخدام أدوات تحفيزية لتعزيز التزام المواطنين بالفرز وتقليل المخالفات.
التحديات والالتزام والأثر البيئي الإيجابي
أكد الحوامدة أن المشروع يحسن الواقع البيئي في المدينة، من خلال تقليل انتشار النفايات، وتحسين جودة الهواء، والتقليل من التلوث البصري، مشيرا إلى أن المشروع لا يتطلب دراسات تقييم أثر بيئي إضافية لأنه يحقق آثارا إيجابية واضحة.
إلا أن الأمانة تواجه تحديات في تطبيق المشاريع التجريبية، وعلى الرغم من أن نسبة الالتزام الأولية جيدة، فإن الطموح هو لرفع هذه النسبة، وتركز الأمانة على تحقيق الالتزام من خلال برامج الوعي المستمرة والشراكة مع المجتمع المحلي، بدلا من الاعتماد على الغرامات، كما تدرس الأمانة خلق حوافز تتناسب مع النسيج الحضري والثقافات المختلفة للمساعدة في موضوع الفرز والالتزام به.
ويأتي مشروع فرز النفايات من المصدر في سياق أنشطة مشروع "إدارة النفايات الصلبة في الأردن - SOWAS"، بتمويل من الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي وتنفيذ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ. ويعد هذا المشروع امتدادا لجهود أمانة عمان في تطوير منظومة إدارة النفايات الصلبة وتعزيز الاقتصاد الدائري، ضمن خطة مرحلية تستهدف تغطية مختلف مناطق المدينة خلال السنوات المقبلة
وأشار نائب مدير المدينة لقطاع المناطق وشؤون البيئة، محمد الفاعوري، إلى أن المشروع يمثل نقلة نوعية في تحسين الخدمات البيئية من خلال إدخال تقنيات حديثة في آليات الجمع والفرز وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية الداعمة.
بدورها، أكدت المديرة التنفيذية للدراسات والمشاريع البيئية سهى الشيشاني أن المشروع يشكل خطوة أساسية نحو منظومة نفايات أكثر كفاءة واستدامة، مع ضرورة تطوير أدوات الرقابة والتشغيل لضمان تكامل الجهود بين مختلف الدوائر.