بين وحدة المحتل واختلاف المواقف.. الأردن أمام اختبار التماسك الوطني

الصورة
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان
آخر تحديث

يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، محمد أبو رمان، أن المشهد الإسرائيلي، رغم ما يحمله من انقسامات داخلية بين القيادة السياسية والعسكرية، وتناقضات على مستوى المجتمع، يظهر في لحظة الفعل الاحتلالي كـ"وحدة صلبة" تسير باتجاه تنفيذ مشروع استيطاني توسعي يستهدف فلسطين والمنطقة بأسرها. وذلك على خلاف ما تروج له بعض وسائل الإعلام حول وجود انقسامات حادة بين الأطراف الإسرائيلية. 

في المقابل، لفت أبو رمان إلى أن الأردن يعاني من فجوة واضحة بين الخطاب الرسمي المتمسك بثوابت القضية الفلسطينية، والخطاب الشعبي الغاضب والناقم، ما يخلق إشكالية حقيقية تتطلب إعادة بناء وحدة وطنية داخلية تقوم على خطاب واضح ومقنع، يعكس حقيقة الموقف الأردني ويسند الدولة في مواجهة حملات التشكيك والتضليل.

مخطط الاحتلال يتجاوز فلسطين إلى المنطقة

يؤكد أبو رمان أن اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يخفي أطماعه التوسعية، بل يسعى لفرض شرق أوسط جديد عبر الدمار والتجويع والتهجير في غزة، وتوسيع الاستيطان والطرد القسري في الضفة والقدس، إضافة إلى الاعتداءات المتكررة على سوريا ولبنان.

ورغم التناقضات داخل الكيان، فإن جميع مكوناته تتوحد حين يتعلق الأمر بمشروع الاحتلال، وهو ما يجعل من مواجهة هذا المشروع مسؤولية لا تحتمل التشتت أو التباين في الخطاب الوطني العربي.

الأردن.. غياب وحدة الخطاب بين الدولة والشعب

يرى أبو رمان أن المشكلة في الأردن ليست في موقف الدولة من فلسطين، بل في غياب الانسجام بين الخطاب الرسمي والشعبي، رغم أن الأردن يبذل جهودا كبيرة على المستويين السياسي والإنساني، من دعم دبلوماسي مستمر، إلى إرسال المساعدات الميدانية والطبية.

لكن الشارع الأردني يعيش حالة غليان، مردّها وفق أبو رمان إلى التداخل بين السياسات الداخلية والخارجية، وهو ما يولّد خطابا ناقما شعبويا يصطدم أحيانا بالموقف الرسمي، خاصة في ظل اتساع الفجوة بين الدولة وبعض القوى السياسية و عدم قدرة بعض الناشطين على الفصل بين العلاقة بين الدولة والقوى السياسية من جهة، والسياسة الخارجية للأردن من جهة أخرى.

ويحذر أبو رمان، من خطورة استمرار هذا الانفصال، مبينا أن غياب الجسور بين الدولة وقوى المجتمع هو ما يفتح المجال أمام الخطابات الشعبوية والاتهامات غير المؤسسة.

لا تعارض بين الداخل الأردني وفلسطين

ورفض أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، محمد أبو رمان المقولة التي تطالب الأردن بالتركيز على الشأن الداخلي فقط، قائلا " إنها غير مقبولة" لأن القضية الفلسطينية جزء من الأمن القومي الأردني، وهي لا تناقض الإصلاحات الداخلية بل تتقاطع معها، مشيرا إلى أن استمرار أيمن الصفدي وزيرا للخارجية في التعديل الحكومي الأخير يعد رسالة سياسية واضحة من الملك عبد الله الثاني على أهمية هذا الملف.

حملات التشكيك الخارجية ممنهجة

وحول الاتهامات التي تطال الدولة الأردنية بالتواطؤ أو التقصير، قال أبو رمان إن هذه حملات ممنهجة وغير بريئة، تغذيها منصات خارجية وبعض الأطراف التي تستغل التباين الداخلي في الدولة لمهاجمة الموقف الأردني من فلسطين.

وشدد على أن هذه الحملات تفتقر للموضوعية، وتهدف إلى ضرب الموقف الأردني دوليا ومحليا، ما يستوجب ردا منهجيا لا يقتصر على إرسال المساعدات فقط، بل بتفعيل خطاب إعلامي متماسك وواضح يبرز دور الأردن ويصونه من حملات التشويه.

وقال أبو رمان إن الخلاف الداخلي بين الحكومة والقوى الإسلامية انعكس على الإعلام، فاستغل البعض هذه الحالة لشن هجمتهم على الأردن، باتهامه بإخراج القضية الفلسطينية من محور أولويات الدولة، وقمع حرية التعبير.

دعوة لتقوية الجبهة الداخلية وتوحيد الخطاب

اختتم أبو رمان حديثه بالتأكيد على أن تقوية الجبهة الداخلية الأردنية وتجاوز الخلافات السياسية، هي السبيل لتوحيد الخطابين الشعبي والرسمي، مبينا أن هذه اللحظة تتطلب رؤية وطنية شاملة تبنى على الحوار والشفافية والمصارحة، في مواجهة عدو يوحد صفوفه رغم كل تناقضاته.

كما أكد أن توضيح دور الأردن خلال هذه المرحلة، يجب أن يكون أولوية وعبر خطاب إعلامي واضح ومقنع، يقدم موقف الدولة ويدافع عنها بقوة.

اقرأ المزيد.. المملكة تندد بتشويه مواقفها تجاه غزة والاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية

دلالات
شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00