الاستيطان الناعم: فتيات التلال أداة "إسرائيل الكبرى"

الصورة
لافتة تشير إلى مساحة احتلتها فتيات التلال
لافتة تشير إلى مساحة احتلتها فتيات التلال
آخر تحديث

على التلال الممتدة في الضفة الغربية، حيث يفترض أن تكون الأرض للمزارعين الفلسطينيين ورعاتهم، تظهر مجموعة تحمل اسما يبدو بريئا "فتيات التلال"، لكن خلف هذا الاسم تختبئ ظاهرة استيطانية توسعية خطيرة، تقدم بمظهر خادع وبسيط، بينما هدفها الحقيقي هو تكريس الاحتلال وسرقة الأرض الفلسطينية لصالح وهم "إسرائيل الكبرى".

من "فتية التلال" إلى "فتيات التلال"

ظهرت أنشطة "فتيات التلال" في حوالي عام 2009، كامتداد نسوي لحركة "فتية التلال" التي أسست أواخر التسعينيات والتي تبنت استراتيجية الاستيطان بالقوة عبر السيطرة على قمم الجبال والأراضي المفتوحة في الضفة الغربية.

لكن النسخة النسائية جاءت تحت غطاء "الاستيطان الناعم"، حيث تترك شابات صغيرات مقاعد الدراسة والمدن ليعشن في خيام وأكواخ فوق الأراضي المصادرة، يقدمن أنفسهن كرمز للتضحية والالتصاق بالأرض، بينما في الحقيقة يمهدن الطريق لبؤر استيطانية تتحول لاحقا إلى مستوطنات دائمة.

وتتلقى الفتيات تدريبات بمعسكرات في التلال والمناطق التي تستولي عليها، تشمل التدرب على استخدام السلاح والزراعة والبناء وغيرها من التدريبات.

آليات السيطرة.. من الخيمة إلى المستوطنة

لا تبدأ القصة بقرية كاملة، بل بخيمة أو بيت متنقل فوق أرض فلسطينية، تسوق هذه البداية على أنها "عيش بدائي من أجل الحلم القومي"، لكن الهدف مدروس:

  • إقامة نقاط رعوية صغيرة.

  • تثبيت وجود بشري دائم في المكان.

  • ربط هذه النقاط بالبنى التحتية عبر دعم الجيش والحكومة.

  • تحويلها تدريجيا إلى تجمع استيطاني ثم مستوطنة قائمة.

أمثلة على التوسع

  • ماعوز إستير: بدأت قبل نحو 17 عاما كمجرد خيام شبابية، وتحولت اليوم إلى تجمع استيطاني يضم أكثر من 17 عائلة.

  • أور أهوفيا: تأسست عام 2023 على تلال قرب رام الله، واتسعت لتصبح ذراعا استيطانيا جديدا لمستوطنة "عوفرا"، في إطار مشروع متدرج يربط بين البؤر ويخلق واقعا يصعب تغييره.

الدعاية والتلميع الإعلامي

تحرص هذه المجموعات على نشر فيديوهات وصور تظهر الفتيات وهن يطبخن ويغسلن ويرعين الماشية، في محاولة لتقديمهن كمظهر بريء للحياة البسيطة، لكن خلف هذه الصورة المزيفة يقف مشروع استعماري منظم، يحظى بالدعم اللوجستي والمالي والسياسي من مؤسسات الاحتلال، ويستهدف سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية تحت غطاء إعلامي مخادع.

الدعم الرسمي والغطاء القانوني

رغم ادعاءات السلطات الإسرائيلية أحيانا أنها تهدم هذه البؤر، فإن المشهد غالبا ما يوصف بأنه "مسرحية"، إذ تعود المستوطنات للنشوء بسرعة أكبر. 

الحكومة توفر الحماية عبر الجيش، وتؤمن الماء والكهرباء والطرق، بل وتشرعن الوجود بالقوانين التي تسمح بالاستيلاء على الأراضي الخاصة والعامة في الضفة الغربية.

البعد الأيديولوجي.. وهم "إسرائيل الكبرى"

نشاط "فتيات التلال" ليس معزولا عن سياق أكبر؛ بل هو جزء من عقيدة تسعى لتوسيع حدود الاحتلال بما يتجاوز فلسطين إلى الأردن ومصر وسوريا.

تلك الفتيات يقدمن كغطاء مخادع، لكن رسالتهن السياسية متطابقة مع خطاب الاستيطان المتشدد: السيطرة الكاملة على الأرض، وفرض واقع جديد يخدم مشروع "إسرائيل الكبرى".

الموقف الحقوقي والدولي

تؤكد منظمات حقوقية مثل "بتسيلم" الإسرائيلية أن هذه البؤر ليست مبادرات فردية، بل جزء من سياسة حكومية رسمية، أما القانون الدولي فيصنف الاستيطان في الضفة الغربية كجريمة حرب تخالف اتفاقية جنيف الرابعة، ويعده عائقا أمام أي تسوية سياسية عادلة.

ورغم الإدانات المتكررة من الأمم المتحدة، تستمر "إسرائيل" في تعزيز هذه البؤر عبر أدواتها العسكرية والتشريعية، غير آبهة بالقرارات الدولية.

فتيات التلال.. أداة لسرقة الأراضي

ما يروّج له كحياة بدائية لفتيات يعشن فوق التلال، ليس إلا أداة جديدة لسرقة الأرض الفلسطينية وتكريس الاحتلال، "فتيات التلال" هن القناع الزائف للمشروع الاستعماري نفسه الذي يستهدف الأرض والهوية، ويكرس وهما اسمه "إسرائيل الكبرى". 

في النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: وراء المظهر الخادع تختبئ سياسة ممنهجة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتحويل الخيام إلى مستوطنات، والوهم إلى واقع مفروض بالقوة.

اقرأ المزيد.. ما هو مشروع إسرائيل الكبرى الذي يضع الأردن والأمة العربية أمام خطر وجودي؟

00:00:00