من التدقيق المالي إلى تقييم الأداء: أدوار ديوان المحاسبة

الصورة
راضي الحمادين رئيس ديوان المحاسبة
راضي الحمادين رئيس ديوان المحاسبة
آخر تحديث

أكد رئيس ديوان المحاسبة، راضي الحمادين، أن الديوان يشكل أحد أعمدة الدولة الرقابية، ويضطلع بدور محوري في حماية المال العام وتعزيز النزاهة والحوكمة الرشيدة، من خلال رقابة شاملة وممنهجة على مؤسسات الدولة كافة، وباستخدام أدوات ومعايير دولية متقدمة تسهم في تصويب الأداء وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، بعيدا عن التهويل أو جلد الذات.

وفي حديث خاص لـ حسنى تناول الحمادين الإطار العام لعمل ديوان المحاسبة، وتطوره التاريخي، وأدواته الرقابية الحديثة، وآليات التعامل مع المخالفات، فضلا عن دوره في متابعة القروض والمنح، وتعزيز الرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة.

نطاق عمل الديوان والجهات الخاضعة لرقابته

وأوضح الحمادين أن ديوان المحاسبة يدقق حاليا أعمال 362 جهة عامة تشمل الوزارات، والمؤسسات المستقلة، والهيئات، والشركات المملوكة للحكومة، والجامعات الرسمية، إضافة إلى البلديات ومجالس الخدمات المشتركة، وذلك وفقا لأحكام قانون ديوان المحاسبة. 

وبين أن القانون يحدد حصريا الجهات الخاضعة للرقابة، مع إتاحة المجال لمجلس الوزراء لإخضاع أي جهة إضافية ضمن أطر قانونية سليمة.

مؤسسة راسخة منذ تأسيس الدولة

أشار رئيس الديوان إلى أن ديوان المحاسبة تأسس عام 1952، في دلالة واضحة على وعي مبكر لدى مؤسسي الدولة الأردنية بأهمية وجود جهاز رقابي مستقل يضمن انضباط العمل الحكومي وحسن إدارة الموارد العامة. 

وأكد أن تطور الدولة والإدارة العامة فرض على الديوان مواكبة المتغيرات، سواء على صعيد أدوات الرقابة أو المعايير المهنية أو استخدام التكنولوجيا.

معايير دولية في العمل الرقابي

أكد الحمادين أن ديوان المحاسبة يلتزم بتطبيق المعايير الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة "INTOSAI"، والتي تنظم عمليات التدقيق المالي، وتدقيق الالتزام، وتدقيق الأداء.

وأوضح أن الديوان يستخدم برمجيات متخصصة لتخطيط مهام التدقيق، وإدارة المخاطر، وجمع الأدلة وتحليلها، إضافة إلى نظام إلكتروني لمتابعة الملاحظات الرقابية مع الجهات الخاضعة للرقابة، وفق مدد زمنية محددة، وبما يمنع إطالة أمد التصويب أو تكرار المخالفات.

تصنيف الملاحظات الرقابية وفق مستويات المخاطر

بين الحمادين أن الملاحظات الرقابية تصنف وفق مستويات مخاطر "عالية، متوسطة، متدنية"، ويتم التركيز على القضايا ذات الأولوية العالية التي تمس المال العام أو جودة الخدمة. 

وأشار إلى أن شكل التقارير الرقابية تغير جذريا، إذ أصبحت تقارير مهنية واضحة، تتضمن نطاق التدقيق، ومدته، والنتائج، ومصفوفة المخاطر، إضافة إلى ردود الجهات الحكومية الموثقة، وخطط التصويب المتفق عليها ضمن جداول زمنية محددة.

دور الديوان يشمل تدقيق الالتزام بالتشريعات

أكد رئيس ديوان المحاسبة أن دور الديوان لا يقتصر على تدقيق الحسابات، بل يشمل تدقيق الالتزام بالتشريعات وتدقيق الأداء، الذي يقيس مدى تحقيق الأهداف مقابل الإنفاق العام.

وأوضح أن الإجراءات الإدارية تخضع للتدقيق كونها ذات أثر مالي مباشر، وأن تقييم كفاءة السياسات والقرارات الحكومية جزء أصيل من العمل الرقابي وفق المعايير الدولية.

ديوان المحاسبة يضم كوادر متخصصة

كشف الحمادين أن ديوان المحاسبة يضم 475 موظفا، بينهم 295 مدققا من تخصصات متعددة، تشمل الهندسة، والصيدلة، والزراعة، ونظم المعلومات، وتحليل البيانات، والقانون.

وبين أن الديوان يضم 73 موظفا حاصلين على شهادات مهنية دولية، ويتبنى سياسة تدريب مستمرة بالشراكة مع منظمات دولية وجامعات محلية وشركات التدقيق العالمية، مع إخضاع المدققين لتقييم كفاءة سنوي وفق معايير الجودة الدولية.

تقييم الرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة

أعلن الحمادين عن تنفيذ مهمة وطنية كبرى خلال عامي 2024–2025، تمثلت في تقييم أنظمة الرقابة الداخلية والتدقيق الداخلي في 266 مؤسسة حكومية، وفق معايير المعهد العالمي للتدقيق الداخلي "IIA".

وأوضح أنه جرى تدريب 612 موظفا من وحدات التدقيق الداخلي في الدولة، وسيتم إطلاق دليل وطني لإجراءات الرقابة الداخلية والتدقيق الداخلي بإشراف ديوان المحاسبة، يمكن الاستفادة منه حتى في القطاع الخاص.

التقارير تحلل الأسباب الجذرية للتأخير

تطرق الحمادين إلى ملاحظات الديوان بشأن تدني نسب السحب من بعض القروض الدولية، وما ترتب عليها من أعباء مالية دون تحقيق الأهداف المرجوة.

وأكد أن تقارير الديوان ترفع دستوريا إلى مجلس النواب، وترسل نسخ منها إلى مجلس الأعيان والحكومة، ويتم من خلالها تحليل الأسباب الجذرية للتأخير، سواء كانت إدارية أو فنية، بهدف تصويب القائم منها، ومنع تكرارها في القروض المستقبلية.

متى تحال القضايا إلى القضاء؟

أوضح رئيس الديوان أن إحالة القضايا إلى القضاء تتم وفق مبدأ الشك المهني وكفاية الأدلة، وبالتنسيق مع الدائرة القانونية في الديوان.

وبين أنه في حال اكتمال الأدلة تحال القضية فورا إلى القضاء، أما في حال وجود شبهات دون اكتمال الأدلة، فتحال إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، مع تشكيل فرق عمل مشتركة لتعميق التدقيق.

تصويب 59% من الملاحظات قبل إدراجها في التقارير النهائية

أكد الحمادين أن التقارير الربعية تهدف إلى التدخل المبكر وعدم انتظار نهاية العام، مشيرا إلى أن 59% من الملاحظات تم تصويبها قبل إدراجها في التقارير النهائية.

وأشاد بسرعة استجابة الحكومة الحالية وتعاطيها المهني مع ملاحظات الديوان، رغم أن معظم الملاحظات تعود لأعوام سابقة، مؤكدا أن الهدف النهائي هو حماية المال العام وتحسين الأداء المؤسسي وخدمة المواطن.

اقرأ المزيد.. الدور الرقابي يحقق وفرا للخزينة بأكثر من 20 مليون دينار

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00